انقسام حاد تشهده منظمة “إيكواس” حول سيناريو التدخل العسكري في النيجر، وسط تقارير غربية تفيد بأن هذا الخيار سيتم تأجيله لمدة 6 أشهر نظرا لحاجة التجهيزات العسكرية لشن الهجوم.
وقرر برلمان إيكواس، يوم الأحد، إرسال لجنة إلى نيامي، لمقابلة قادة الانقلاب، وبحث سبل إنهاء الأزمة دبلوماسيا، وسط خلافات تسببت بتعذر انعقاد اجتماع للاتحاد الإفريقي وترقب لاجتماع قادة جيوش إيكواس هذا الأسبوع.
ووفق وسائل إعلام في نيجيريا، شهدت الجلسة الطارئة لبرلمان إيكواس، انقساما حادا بين أعضائها، ما حال دون أي توافق على قرار موحد بشأن سيناريو التدخل العسكري في النيجر، ما يشي بتلافي الخيار العسكري.
ووفق تقديرات خبراء لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن الخيار العسكري غير مضمون نظرا لأنه سيتم بمنطقة حساسة باتت محط تجاذبات جيوسياسية عالمية، كما أن هناك تخوفات من خروج الحرب عن السيطرة خاصة بعد إعلان بوركينا فاسو ومالي، التضامن العسكري مع جيش النيجر.
كانت “إيكواس” هددت، باستخدام القوة العسكرية وأمرت “قوة احتياطية” تتشكل من 5 آلاف جندي ضمن قوات أخرى قوامها 25 ألف عسكري يتم تجهيزها، لإعادة الرئيس النيجري المعزول محمد بازوم، إلى السلطة
وقال مسؤول دفاعي أميركي، وآخر قيادي عسكري بإحدى دول إيكواس، لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، يوم السبت، إن أي تدخل عسكري في النيجر يحتاج إلى تحضيرات تستغرق 6 أشهر.
قوة الاحتياط التابعة لإيكواس عبارة عن “قشرة فارغة” تحتاج إلى التعبئة بالجنود والعتاد.
التهديدات المضادة من مالي وبوركينا فاسو وغينيا وجيش النيجر، قد تردع إيكواس عن اتخاذ إجراءات عسكرية.
المجلس العسكري في النيجر عزز الإجراءات الأمنية المفروضة على الرئيس المحتجز محمد بازوم.
مؤشرات تراجع الخيار العسكري
وبحسب مراقبيين فإن “إيكواس” لوحت باستخدام القوة العسكرية لأول مرة يوم 30 يوليو الماضي، وأمهلت حينها قادة الانقلاب 7 أيام لإعادة بازوم، لكن التهديد لم يدخل حيز التنفيذ، ثم تم تأجيل اجتماع رؤساء أركان جيوش المنظمة يوم السبت، وما أعقبه من انقسام داخل الجلسة الطارئة لبرلمانها، يوم الأحد، لاستصدار قرار بشأن الخيار العسكري.
ومع عدم استبعاد “إيكواس” ذلك، وميلها إلى الحل السياسي، تكشف عدة مؤشرات، وفق مراقبين، عن تراجع السيناريو العسكري لصالح الدبلوماسية، ومن أبرزها:
انقسام البرلمان وتأجيل اجتماع رؤساء أركان جيوش إيكواس لـ”أسباب فنية”.
إعلان عدد من علماء الدين الإسلامي الكبار من نيجيريا، يوم الأحد، إجراء محادثات مع زعماء الانقلاب العسكري في النيجر. وأن القادة العسكريين “أبدوا انفتاحهم على حل الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية وليس بالصراع”.
الدعوة الأميركية للحل السياسي، وتأكيدات وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال مباحثاته مع محمد إيسوفو، الرئيس السابق للنيجر، استعداد واشنطن لتبني المقاربات الدبلوماسية.
عدم الإجماع الإقليمي على الخيار العسكري ومعارضة دولتي بوركنيا فاسو ومالي لقرارات إيكواس مع رفض الجزائر وتشاد لذلك.
الدعم الشعبي للانقلاب في ظل تسويق المجلس العسكري دعاية إنهاء الاستعمار الفرنسي بالبلاد، فضلا عن أن عقوبات إيكواس أججت مشاعر النيجريين بسبب قطع إمدادات الطاقة وارتفاع أسعار السلع، وانخفاض عائدات هذا البلد بنسبة 75 بالمائة في أسبوع، وفق صحيفة” الغارديان”.
انقسام الرأي العام والسياسي في نيجيريا المجاورة ذات الثقل العسكري الإقليمي والتي تمثل أكثر من نصف سكان الكتلة وتتولى رئاستها الدورية، حول تبنى رئيسها بولا تينوبو، خيار التدخل العسكري.
وتدخلت “إيكواس” في أزمات سابقة عصفت بدول مثل ليبيريا وسيراليون وغامبيا وغينيا بيساو، بعد تهديد النظام الدستوري في تلك البلدان.
إلا أن انقلاب النيجر وهو الثامن من نوعه في إفريقيا خلال 3 سنوات، يصطدم بتحالف الانقلابيين والأجهزة الأمنية الأخرى وتأييد شعبي وإن كان محدودا للمجلس العسكري.
ووفق تقارير صحفية، فإن إيكواس تخشى توسع الحرب بين دول غرب إفريقيا مع وقوف مجالس عسكرية نجحت في انقلاباتها مثل مالي وبوركينا فاسو، واستعدادها للقتال إلى جانب النيجريين، وذلك يمثل عائقا أمام التدخل العسكري.
ويقول المحلل السياسي المقيم في السنغال، جيل يابي، المتخصص في شؤون غرب إفريقيا، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن قلق دول إيكواس من الخيار العسكري مرده إلى إمكانية خروج الحرب عن السيطرة وتطورها إلى مواجهة إقليمية واسعة، خاصة إذا دخلت مالي وبوركينا فاسو على خط المواجهة.
إفريقيا باتت ساحة صراع دولي بين قوى كبرى تبحث عن امتدادات جيو-استراتيجية واقتصادية، بينما ينحسر النفوذ الأوروبي خصوصا الفرنسي.
انشقاق المجموعة حول الخيار العسكري قد ينذر بتفكك “إيكواس” وهذا يضر بأمن المنطقة ويهدد السلم والأمن لدول غرب إفريقيا.
الحل لعسكري ضد أحد أفقر بلدان العالم لهد تداعيات خطيرة على غذاء وأمن السكان وينذر بتفاقم الجوع في هذا البلد الإفريقي.
إيكواس تحتاج قبل التدخل العسكري، ووفق المادة 53 من ميثاق الأمم المتحدة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح لها بشن الهجوم لأنه اعتداء عسكري على دولة ذات سيادة.
التدخل أمر مستبعد في ظل انقسام دول إيكواس حول هذا الخيار والحل السياسي هو الأكثر ترجيحا.
الخيار العسكري سيصرف الاهتمام عن قضية مهمة وهي مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.
تركيز واشنطن على الحلول السلمية لإدراكها أن الاستنزاف الذي تقوده ضد روسيا في أوكرانيا سيجعل فتح جبهات جديدة في إفريقيا مصدر قلق كبير، ومنذ أحداث الصومال ليست مستعدة لتدخلات عسكرية في القارة الإفريقية.