كشف عضو اللجنة المانحة لجائزة نوبل في الطب البروفيسور المغربي عبد الجبار المنيرة، عن تفاصيل وأسباب تتويج العالمين كاتالين كاريكو ودرو وايزمان بالجائزة لعام 2023، بعد اكتشافاتهما التي ساعدت في تطوير لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا.
ويعد المنيرة أول عالم عربي يتم اختياره في اللجنة، التي تتولى تقييم الترشيحات واختيار الفائزين الأكثر استحقاقا في مجال الطب.
والمنيرة من مواليد الرباط حيث نشأ ودرس معظم حياته، قبل أن يغادر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من مرسيليا، وانتقل لاحقا إلى السويد حيث يعيش منذ عام 1992، حتى أصبح أستاذا للأعصاب في معهد “كارولينسكا” السويدي.
أسباب فوز عالِمي كورونا
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، حدد المنيرة أسباب فوز المجرية كاتالين كاريكو والأميركي درو وايزمان، بالجائزة لعام 2023، في عدد من النقاط:
المعيار الأكثر أهمية لمنح جائزة نوبل في الطب هو الاكتشاف الذي غير فهمنا وساهم بشكل كبير في مصلحة البشرية، كما هو موضح في شهادة “ألفريد نوبل”.
طوّر كاريكو ووايزمان اكتشافات رائدة، مما يدل على أنه يمكن تسخير الحمض النووي الريبوزي المرسال لإنشاء منصات لقاح آمنة ومتعددة الاستخدامات وقابلة للانتشار السريع.
أدت النتائج التي توصلا إليها إلى تسريع تطوير لقاحات فعالة ضد “كوفيد 19” بتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تعرف اختصارا باسم “mRNA”.
لم يفد تطوير اللقاحات بتلك التقنية الذين تلقوا هذا النوع من اللقاحات بشكل مباشر فحسب، بل مكَّن أيضا بشكل غير مباشر من العودة إلى الحياة الطبيعية في أنحاء العالم.
مما لا شك فيه أن جائزة نوبل لهذا العام تفي بالمعايير الرئيسية الموضحة في وصية مؤسسها.
ماذا فعل العالمان؟
اكتشفت كاريكو طريقة تمنع الجهاز المناعي من أن يكون له رد فعل ضد تطوير لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال المصنعة في المختبر بإحداث التهابات، الأمر الذي أزال عقبة رئيسية أمام استخدام هذه اللقاحات.
وأظهرت كاريكو بالتعاون مع وايزمان في عام 2005 أن تعديل قاعدة “النيوكليوزيد”، وهي وحدات الجزيئات التي تحدد الشفرة الجينية للحمض النووي الريبوزي المرسال، يمكن أن تبقي هذا الحمض تحت رقابة الجهاز المناعي.
وجائزة نوبل في الطب هي الأولى التي يجري إعلانها، على أن تشهد الأيام المقبلة الإعلان عن الفائزين بالجوائز الخمس المتبقية لنوبل عن هذا العام.
وهذه الجائزة، وهي واحدة من أرفع الجوائز في المجتمع العلمي، يتم اختيارها من قبل جمعية نوبل في معهد كارولينسكا بالسويد، وتبلغ قيمتها 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار).
800 ترشيح
وعن عدد الترشيحات التي ناقشتها اللجنة لهذا العام، أوضح البروفيسور المغربي أنه “في كل عام تشارك لجنة نوبل في جهود التوعية بجميع أنحاء العالم للحصول على الترشيحات، مما أدى إلى تدفق أكثر من 800 ترشيح تغطي مختلف التخصصات في علم وظائف الأعضاء والطب”.
ولفت إلى أن اللجنة تقيّم كل ترشيح بدقة، مع التركيز بشكل أساسي على تحديد الاكتشافات الإبداعية والتحويلية، على أن يجري بعد ذلك تقييم مساهمات مختلف العلماء المشاركين في البحث الذي أدى إلى هذه الاختراقات.
وبشأن المعايير التي تحكم اختيار الأعمال الفائزة، قال المنيرة إن “ألفريد نوبل كان واضحا جدا في وصيته عندما حدد معايير الجائزة في علم وظائف الأعضاء أو الطب، حيث ذكر صراحة أنه يجب منحها لاكتشاف في علم وظائف الأعضاء أو الطب من شأنه أن يفيد البشرية، لذا فإن معاييرنا صارمة للغاية”.
“في مناقشاتنا، نبحث عن اكتشاف فتح أبوابا جديدة، وساعدنا في التعامل مع المشكلة بطريقة جديدة، أو اكتشاف غير بشكل أساسي وجهة نظرنا حول مشكلة ما. يجب أن تكون أهمية هذا الاكتشاف رائعة حقا”، وفق ما ذكر المنيرة.
وشدد العالم المغربي على أنه “لا يمكن أن يكون اختراعا أو تحسينا لشيء قائم بالفعل، بل يجب أن يكون اكتشافا حقيقيا، ويجب أن يساهم في مصلحة البشرية”.
وأضاف: “من المهم التأكيد على أن أصل الباحث أو جنسيته ليس موضوعا للنقاش أبدا، ولا يتم استخدامه أبدا كأساس لاختيار الحائزين على جائزة نوبل”.
رحلة مع العلم
وعن كيفية اختياره ضمن لجنة اختيار الفائز بجائزة نوبل للطب ضمن 5 علماء آخرين، قال البروفيسور المغربي إنه “من المهم التأكيد على أن العضوية في هذه اللجنة تقتصر على الأساتذة المنتسبين إلى معهد كارولينسكا الطبي، كما يتم انتخاب أعضاء لجنة نوبل لإنجازاتهم البحثية البارزة ومساهماتهم”.
واعتبر أن اختياره بلجنة نوبل لعلم الفسيولوجيا أو الطب “يعكس سجلي البحثي المكثف ومساهماتي المهمة في مجال علم الأعصاب، ولهذا فأنا فخور بكوني أول عربي يتم انتخابه في هذه اللجنة”.
ونالت أبحاث المنيرة في علاج الاضطرابات العصبية والنفسية مثل مرض “باركنسون” استحسانا واسعا