أظهر مؤشر الإرهاب داخل أوروبا للعام 2023، الصادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات تنامي المخاطر المتعلقة بانتشار التطرف والعمليات الإرهابية داخل غالبية دول
الاتحاد الأوروبي، فيما حذر من وتيرة غير مسبوقة للإرهاب داخل أوروبا تأثرا بالحرب في غزة، فضلا عن استمرار الحرب الأوكرانية.
ولا تزال الجماعات الإسلاموية واليمينية المتطرفة في أوروبا، تشكل تهديدا لأجهزة الاستخبارات بالتزامن مع طول أمد حرب أوكرانيا، وتصعيد الصراع في غزة، وتعكس حجم التهديدات الناشئة عن حرب عزة وأوكرانيا حجم التحديدات التي تواجهها أوروبا خلال عام 2024، على حد تقدير الباحثين.
في فرنسا تمثل السلفية الجهادية وجماعات الإسلام السياسي تهديدا كبيرا للسلطات الفرنسية، فهناك (3025) متطرفا داخل البلاد، فيما تضاعفت الأحكام في قضايا الإرهاب نحو (7) مرات، وحوالي 50 بالمئة من المتهمين تحت سن 18 عام.
كذلك أظهرت المؤشرات تصاعد التهديد الإرهابي لليمين المتطرف خلال العام، حيث كشفت الإحصائيات عن وجود 50 مجموعة محسوبة على اليمين المتطرف الفرنسي بكل أطيافه تضم أفرادا من قوات الجيش والشرطة تتسلل من خلال المنصات الإلكترونية وتحرض على العنف.
تشير الإحصائيات إلى إحباط وقوع هجوم إهابي كل شهرين، فيما أحبطت باريس نحو 28 هجوما خلال العام.
تنامى القلق داخل فرنسا من تداعيات حرب غزة، حيث شهدت فرنسا (1159) عملا معاديا للسامية، وشهدت الأحزاب خلافات حول توصيف هجمات حركة “حماس” والدعم المطلق لإسرائيل.
يظل التهديد مستمرا بهجمات إرهابية في فرنسا مخطط لها في الخارج من جانب داعش، على غرار هجمات نوفمبر 2015، يعد التهديد السيبراني والهجمات الإلكترونية هو أحدى المخاطر الرئيسية لا سيما أن باريس تنظم دورة الألعاب الأولمبية خلال العام 2024.
في بريطانيا باتت الجماعات الإسلاموية المتطرفة في المملكة المتحدة تستنزف قدرات وجهود الاستخبارات البريطانية، ويهيمن على المشهد اليميني المتطرف في بريطانيا أفراد أو مجموعات صغيرة، وهو اتجاه يجعل من الصعب على السلطات البريطانية التنبؤ بتهديدات اليمين المتطرف، ويجعل من الصعب التعرف عليهم والتحقيق معهم.
تهديدات الجماعات الإسلاموية واليمينية المتطرفة كانت هي “الأكثر خطورة” في السويد وبريطانيا خلال عام 2023، كما واجهت البنية التحتية في العام 2023 في السويد والمملكة المتحدة تهديدا إلكترونيا مستمرا، وارتفعت عدد حوادث الجرائم الإلكترونية، وتسببت حوادث إحراق المصحف وتصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في تزايد مخاوف بريطانيا والسويد من تنامي الإرهاب خلال العام 2024 .
تراجع الوضع الأمني في السويد خلال العام 2023 بعد إحراق نسخ من المصحف وموقفها الداعم لإسرائيل، وتحولت من كونها هدفا مشروعا للهجمات الإرهابية إلى اعتبارها هدفا له أولوية.
شهد المجتمع السويدي تزايدا في الانجذاب نحو اليمين المتطرف لاسيما بعد استغلال أحزاب اليمين المتطرف لقضايا الهجرة واللجوء والصراعات لتوسيع النفوذ.
ما توقعات خريطة الإرهاب في 2024؟
يتجه مؤشر الإرهاب عالميا في الوقت الراهن، إلى نشاط واسع للتنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة في إفريقيا وآسيا، مستغلة انشغال أوروبا والعالم بالصراع في أوكرانيا وغزة، ما يزيد المخاوف من تجنيد عناصر جديدة وشن هجمات عبر الذئاب المنفردة في أوروبا، وتقع ألمانيا والنمسا في مرمى هذا الخطر المحتمل، لنشاط التيارات الإسلاموية المتطرفة عبر الإنترنت، معتمدة على حالة الجدل القائمة بسبب الحرب في غزة للترويج لأفكارها.
استمرار الحرب الأوكرانية يزيد من فرص اليمين المتطرف بألمانيا والنمسا، لاسيما مع صعود شعبية الأحزاب اليمينية في الدولتين، وحضورهم القوي في المؤسسات الحكومية والأمنية والتعليمية، ما يشير إلى احتمالية وقوع حوادث معادية للسامية وأخرى تستهدف اللاجئين، الأمر الذي يهدد تماسك وأمن المجتمع بالبلدين.
ارتفاع الهجمات المعادية للسامية بألمانيا (4) مرات بعد حرب غزة، يدفعها لتكثيف الجهود لمكافحة هذه الحوادث، ويصعد من احتمالية تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا ووقوع هجمات ضد اللاجئين والمهاجرين.
الهجمات السيبرانية تعد تهديداً قائماً في 2024، نظراً لتعقد المشهد بين الغرب وروسيا وزيادة حالة الاستقطاب العالمي، ودخول التكنولوجيا جزءاً من أدوات الصراع الدولي، لذا تتجه ألمانيا والنمسا الفترة المقبلة لمزيد من الإجراءات الوقائية، لحماية أمنها الإلكتروني والتصدي لأي هجمات سيبرانية محتملة.
من المتوقع أن تعزز الأجهزة الأمنية والاستخباراتية داخل دول الاتحاد الأوروبي لتشديد الرقابة على نشاط اليمين المتطرف والإسلام السياسي، في ظل استمرار الصراع بغزة وأوكرانيا.