الهجرة تلقي بظلالها على المناظرة الانتخابية في فرنسا
الهجرة تلقي بظلالها على المناظرة الانتخابية في فرنسا حيث في مناظرة التلفزيونية الأخيرة، برز جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بموضوعين رئيسيين: القدرة الشرائية للمعاشات التقاعدية والهجرة.
بارديلا، الذي يطمح لتولي رئاسة الوزراء في فرنسا، أبدى ثقته الكاملة في انتصار حزبه بالغالبية المطلقة في الانتخابات القادمة، مما سيمكنه من تنفيذ أجندته.
فيما يتعلق بالهجرة، الذي يعد محورًا أساسيًا لحزبه، أكد بارديلا على استعداده لاستعادة سيطرة القانون بمجرد توليه منصب رئيس الوزراء.
بالمقابل، حاول رئيس الوزراء الحالي، غابرييل أتال، الذي يتنافس مع بارديلا، إظهار نفسه كمرشح موثوق ومسؤول، ولكنه لم ينجح في إثارة شكوك بارديلا بخصوص قدراته.
المناظرة تصاعدت إلى مناقشات حادة حول مقترحات حزب التجمع الوطني،
بما في ذلك القوانين التي تمنع حملة مناصب حساسة لذوي الجنسية المزدوجة.
وعندما طرحت مستشارة برلمانية يملكها بارديلا ثنائية الجنسية الفرنسية والروسية،
رد بارديلا بلغة مباشرة، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بالمعايير المطلوبة للمناصب العامة.
أما مانويل بومبار، المرشح اليساري الراديكالي الذي شارك في المناظرة ممثلاً للتحالف اليساري الجديد الذي يضم الخضر والاشتراكيين،
فقد بدا وكأنه يتفرج على الجدال الحاد الدائر بين بارديلا وأتال خلال المناظرة.
أعلن بومبار بأنه قال: “سأدعكما تتجادلان، أريد أن أخاطب الفرنسيين”.
الأجور والمعاشات
في مناظرة حامية الوطيس بين الرجال الثلاثة، تصارعوا حول قضايا متعددة من بينها القدرة الشرائية، المعاشات التقاعدية، والأمن.
أعلن بارديلا عزمه على تحسين القدرة الشرائية من خلال خفض ضريبة القيمة المضافة على الوقود والكهرباء والغاز إلى 5.5%.
رد رئيس الوزراء عليه بالسؤال عن تكاليف هذا الإجراء ومصدر تمويله، مستعرضًا ورقة الميزانية.
أما بومبار، فدافع عن برنامج اليسار بوعد بزيادة الحد الأدنى للأجور، إلغاء إصلاح النظام التقاعدي، وزيادة الضرائب على أغنى الفرنسيين.
شكلت هذه المناظرة الأولى من نوعها بين الكتل السياسية الرئيسية المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة.
يتصدر اليمين المتطرف استطلاعات الرأي، بينما يحذر ماكرون من خطر “حرب أهلية” في حال فوز خصومه.
طموح وتحذير
بعد أن نجح حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، يسيطر الآن على استطلاعات الرأي الفرنسية المتقدمة قبيل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية،
حيث يتوقع أن يحصل على 36% من الأصوات المتوقعة، مما يجعله مرشحاً قوياً للفوز بالسلطة، وهو أمر لم يحدث في تاريخ معاصر للبلاد.
هذا الحزب اليميني المتطرف يفوق ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية بنسبة 29.5% والمعسكر الرئاسي بـ 20.5%.
بالمقابل، يواجه ماكرون ومعسكره الرئاسي تحديات كبيرة بعد حلفه الجمعية الوطنية بسبب النتائج الضعيفة في الانتخابات الأوروبية، حيث يصارعون من أجل إعادة بناء شعبيتهم.
على الرغم من ذلك، فإن معسكرهم يظل الأضعف بين الكتل الثلاث المتنافسة،
حتى في حال تحالفهم مع الجمهوريين المعارضين لحزب التجمع الوطني بنسبة تتراوح بين 7% إلى 10%.
هذه التطورات تشكل مشهداً سياسياً متوتراً ومحورياً في فرنسا،
حيث تتعاظم التوقعات بنشوء نظام سياسي جديد يمكن أن يغير الديناميكية الحالية للسلطة والسياسة الفرنسية.
في بودكاست الذي بث الاثنين الماضي، أدلى ماكرون بتصريحات حادة حيال البرامج السياسية للمتطرفين،
محذراً من أنها قد تدفع نحو حرب أهلية، واتهم اليمين المتطرف بالتشبث بدين أو أصل الأشخاص كوسيلة لإثارة الانقسامات داخل المجتمع، مما يزيد من خطر الصراعات الداخلية.
من جانبها، انتقدت مارين لوبان هذه التصريحات ووصفتها بأنها استراتيجية لزرع الخوف، بينما وصف إيريك سيوتي ذلك بأنه استخدام لـ “استراتيجية الخوف”.
أما جان لوك ميلانشون، زعيم حزب فرنسا الأبية، فاتهم لوبان بتأجيج الانقسامات بين الفرنسيين.
المناظرة الأخيرة بين الأحزاب لم تبدو لتغيير المشهد السياسي الحالي،
حيث أكد مسؤول من فريق ماكرون أنها قد لا تؤثر كثيراً على التوزانات الحالية بين الكتل الثلاث.
ورغم اقتراب الألعاب الأولمبية في باريس بشهر، إلا أن نتائج الانتخابات المقبلة تثير مخاوف الفرنسيين من حكومة يمينية متطرفة للمرة الأولى في تاريخ البلاد،
مما يجعل الجمعية الوطنية المتنوعة بثلاثة أقطاب تحت السيطرة مصدر قلق داخلي ودولي على حد سواء.